ضِحْكَةْ نِسَاَئِيةْ تَتَسَلْلُ عَبْرَ اَلَنَاَفِذَة ْ..
اعتدت أن أجلس في خلوتي الليلية وأنفق بعضا من الوقت برفقة حواسي الخمس بعيدا عن صخب الحياة وزخمها وضجيجها .. أحاول فيها قدر المستطيع أن أعيد بناء وترميم وتأمين دفاعاتي وأجزائي وحصوني التي تُخترق في اليوم والليلة أكثر من مرة كي أبدو أو تبدو هي وكأنها متماسكة قوية منيعة ولكنها سريعا ما تعود لتنهار وتتداعي مجددا مع إشراقة شمس كل صباح وكأن شيئا لم يكن ..
وأظل أعيد علي حواسي وأكرر نفس الكلمات - والتي تستمع إليها في ضجر وفي سأم - كي أقتل فيها الإحساس والشعور .. وأتعمد أن أكون معها قاسي القلب مستبدا فلكم كانت هي الثغرة التي كنت أظنها دوما المأمن الذي لا أُؤتي منه ولا أُستباح .. ثم أتوجه بالحديث أولا إلي الجفون والأهداب آمرا إياها في حزم أن تُحوّل نهار عينيّ إلي ليل حالك عندما يمر أمامها طيف إمرأة .. أما شفاهي التي مازالت عذراء فتسبقني وهي تقول في ملل : أحفظ مهامي عن ظهر قلب سأطبق علي شفاهي قبل أن ينطق لساني بكلمة إعجاب أو يتغزل في إحداهن أو أن يشكو أوجاع قلب أو اضطراب خاطر ..
ثم تشير إليّ أناملي والحزن باديا علي وجهها أن آتي لها بورقة وقلم كي تقسم أنها قد فقدت حاسة اللمس ولم يعد يعنيها في شئ تلك الرغبة المحمومة في أن تتشابك مع أنامل كم تاقت إلي أن تشعر برقتها ودفئها وحنانها وأنها قد وهبت حياتها للكتابة والحروف والكلمات .. أما أنفي فيتعهد ألا يتنسم أي عبير أنثوي وألا يثير اهتمامه أبدا أو أن يُلقي له بالا وكي يثبت حسن نواياه يتمني في ضيق أن يظل "مزكوما" حتي إشعار آخر فأبتسم ابتسامة رضا وأقول : ليس إلي هذه الدرجة يكفيني ما لمسته في صوتك من صدق وحماس ..
ولم يعد يتبقي سوي أن أعطي الكلمة لأذنيّ كي تقدم فروض الطاعة والولاء ولكنها قبل أن تنطق بحرف تنطلق ضحكة نسائية تتسلل عبر جدران غرفتي وتخترق المنافذ والحواجز والنوافذ لتهز كياني بعنف وتزلزل أركاني ويسود بعدها ذهول وصمت يعقبه فوضي عارمة وتعلن حواسي عن ثورتها علي القيود التي ألزمتها بها وفرضتها عليها ولا تكترث بالتهم التي أوجهها إليها بالتآمر عليّ وقلب نظام الحب وتضرب بها عرض الحائط وتدخل في "عصيان بدنيّ" لتبدأ -رغم محاولاتي اليائسة لوأدها في مهدها - موجة ثورية داخلية أظن أنها لن تهدأ وتضع أوزارها إلا بتحقيق أهدافها ..
أحمد محمد الملاح التائه ..