وَكَأَنَّهاَ حَيَاَةْ .. قرأت في صغري أن كل إنسان لابد أن يتمتع بموهبة فريدة تميزه .. منا مَنْ يتعرف إليها ويهتدي ومنا مَنْ يظل يبحث عنها طوال عمره وهي أقرب إليه من نفسه ولكن لا يعثر عليها ومنا مَنْ لا يلتفت إلي هذا الأمر ولا يعنيه في شئ .. وأخذت أبحث وأفتش وأنقب في أعماق نفسي وفي عقلي وحتي في صوتي عن تلك الموهبة التي أودعها الله فيَ ولم اعثر علي شئ وبعد أن أعياني البحث والتفكير استسلمت لقدري وأقنعت نفسي بأنني لست موهوبا في شئ .. إلي أن جاء اليوم الموعود وسافر "خالي" الذي كان صديقا مقربا لي خارج حدود الوطن وكنت شديد التعلق به ولم يكن يتوفر في حينها وسائل التواصل كـالـ "سوشيال ميديا" كما هو متاح للجميع الآن وبكثرة .. فقط أقصي أمانينا أن نرسل برسالة عبر البريد تجوب البحار والأنهار وتحلق مع الطير في السماء وبعد أيام ليست بالقليلة ربما تصل .. ووصلته رسالتي الأولي وأثني علي لغتي وامتدح كلماتي ولفت انتباهي أن لي أسلوب مميز ومن الممكن أن أكتب .. وأمسكت بالخيط الرفيع ولم أدعه يتفلت من بين يديّ وصرخت قائلا : وجدتها أخيرا عثرت علي ما أنفقت من عمري الكثير وأنا أبحث عنه وكان هو يتردد ما بين عقلي وأصابع يدي وحادثت نفسي أنه لابد من ثقل هذه الموهبة التي حباني الله بها واكتشفها "صديقي" عليّ أن أشرع في إنهاء واعتماد أوراق استعارة الكتب من "بيت الثقافة" والذي أصبح بمثابة بيتي الثاني فيما بعد وصرت من أصدقاء المكتبة وهو لقب شرفي يمنح لمن يكثر من ارتياده علي مدار العام .. ووجدت نفسي أتوجه تلقاء تلك الأرفف حيث تقبع وتتواجد روايات الأستاذ / إحسان عبد القدوس وقمت بالتقاط روايتين إلي أن أدمنت كلماته وأسلوبه حتي أنني وبعد أن توالت زياراتي واستعاراتي وقراءاتي للعديد من الأدباء والمفكرين أعود إليه بدافع غريب لم أكن أعرف سره وقتها لأختار روايتين جديدتين وأرجع بيتي فرحا وأمضّي الليل برفقة كلماته وكأنني برفقة حبيبتي وأستلقي علي ظهري وأظل أقرأ وأقرأ حتي يترفق بي النوم ويغمض أجفاني ويقبلني علي جبيني ثم يطفئ الأنوار .. وأقبلت علي رواياته أقرأها بنهم وشره .. لِمَ لا وقد تشكل علي يديه وعيي وإدراكي وعشقي للحروف والكلمات لِمَ لا وقد أحببني في السفر والترحال وفي الليل والسهر والنجوم والقمر لِمَ لا وقد تعلمت منه كيف أن كل شئ وحتي يقربه إلي ذهنك يقوم بتشبيهه بشئ آخر مماثل ويأتي له بصورة تقريبية مذهلة تحير العقل وتسيل لعاب الخيال وتشعله .. وسرت علي خطي أستاذي وغرقت حتي الثمالة في أحضان الاستعارة والكناية والتشبيه حتي أصبحت حياتي أشبه بالحياة أو .. كأنها حياة .. أحمد محمد الملاح التائه ..

Теги других блогов: موهبة الأدب القراءة